أجمل ما يميز حياة كاتبي المشاريع، أنهم يتوقعون كل صباح خبراً جديداً، وقد يكون أحد هذه الأخبار قبول أحد المشاريع التي تم تطويرها وتسليمها للمانحين خلال الأشهر السابقة. ولكي تزيد فرص الأخبار الجميلة في حياة المنظمات، عليها أن تطور مقترحات جيدة وترسلها للمانحين المحتملين بشكل مستمر.
وتتميز السنوات الأولى من حياة كاتبي المقترحات بكثرة المشاريع التي يرفضها المانحون وهي مرحلة مرهقة لكل شخص، لأنها فترة التعلم الحقيقي والتي يقضي فيها الشخص وقت طويل يصل أحياناً لأشهر أو أسابيع في كتابة مقترح واحد، ومع ذلك لن يصل الشخص لثقة كبيرة بمستوى المقترحات وبأنها منافسة لما يكتبه الآخرون.
ولكي نزيد من فرص نجاح المقترحات، نقوم بمراجعة المقترح وفق النقاط الآتية:
علينا الحرص على الإنتهاء من كتابة المقترح وميزانيته ومراجعتها واعتمادها من قبل قيادة أو إدارة المنظمة بوقت كافي قبل انتهاء وقت التقديم (Deadline) الذي ذكره المانح في إعلانه عن تقديم المقترحات.
يقوم المانحون بالتعاقد مع جهة استشارية أو مجموعة استشاريين لمراجعة المقترحات خلال فترة محددة مسبقاً وتبدأ المراجعة عادةً بالتأكد من أن المقترحات المقدمة التزمت بالشروط التالية:
في حالة أن أحدٍ أو كل منها لم يتوفر، يتم رفض المقترح تلقائياً وعدم تقييم محتوياته. ثم يتم التعامل مع المقترحات المتبقية التي توفرت فيها الشروط السابقة فقط.
تتوقع المنظمات أن المانح سيعطيها وقتًا كافيًا لقراءة مقترح المشـروع الذي قامت بتجهيزه وقضت أشهر أو أسابيع حتى استطاعت تسليمه قبل انتهاء فترة التقديم، ولكن ما يحدث هو عكس ذلك تماماً. من خلال أعمالي السابقة خلال العشر سنوات الماضية، شاركت في أكثر من 10 لجان تقييم مقترحات مقدمة من المنظمات المحلية والدولية، ولذلك أستطيع التأكيد على أن مراجعة المقترح الواحد لا تأخذ أكثر من دقيقتين إلى 5 دقائق.
وتخيلوا ما يمكن أن يتم قراءته من محتويات المقترح في هذا الوقت القصير جداً. وهي عبارة عن تصفح سريع والبحث عن جمل معينة وأشياء تساعد في اتخاذ القرار من قبل أعضاء اللجنة بشكل سريع.
مثلاً يجد أعضاء اللجنة في استمارة التقييم سؤالاً: هل أهداف المشروع ذكية SMART؟ وفي لمحة يستطيع الجميع التأكيد أنها سمارت أم لا، ثم يتفقون على وضع الدرجة المخصصة لهذا السؤال (5 درجات من 100 عادةً) وهكذا.
هناك شخص متخصص في مراجعة المشاريع المقدمة من منظور النوع الاجتماعي. يقوم هذا الشخص بالإطلاع على فقرة تقييم الاحتياجات والتأكد أنها تحتوي على احتياجات كل من النساء والبنات والأولاد والرجال وأي فئة أخرى مثل ذوي الاحتياجات الخاصة ثم ينتقل إلى الأنشطة والمخرجات والنتائج، ويتأكد أن كل نشاط قد تم توضيح، كم سيستهدف من الرجال والنساء أو الأولاد والبنات وبشكل دقيق، وهذا كله لا يأخذ دقيقه لكل مقترح.
يتم وضع الدرجات المحددة لكل فقرة بالمقترح ومن ثم جمعها واختيار المقترحات التي حازت على أعلى الدرجات على أن تكون ميزانية كل المقترحات التي تم قبولها تساوي إجمالي المنحة المتوفرة والتي تم تحديدها في الإعلان عن التمويل أو دعوة تقديم المقترحات. ولذلك لا يوجد ما يمكن أن نسميه درجة محددة للنجاح لأن هذه الدرجة تختلف كل مرة. مثلاً قد يكون المقترح حصل على 80 درجة، لكن هناك 7 مقترحات حصلت على درجات أعلى منه واجمالي ميزانية هذه السبعة المقترحات تساوي إجمالي المنحة المتوفرة، معناها أن المقترح سيرفض. هذا كله يؤكد لنا أننا نحتاج للحفاظ على كل درجة وعدم خسارتها نتيجة تقصير في صياغات فقرات بسيطة مثل فقرة أهداف المشروع وفيما إذا كانت ذكية SMART أم لا.
قد يتم إرسال اعتذار للجهات التي قدمت المقترحات وتم رفض مقترحها عبر البريد الإلكتروني وفي أوقات كثيرة لا يتم التواصل سوى مع الجهات التي تم قبول مقترحاتها.
سيكون يومك سعيداً حينما يصلك البريد الإلكتروني أو يتم إبلاغك من قبل أحد الزملاء في العمل وستشعر ان كل دقيقه تقضيها في التعلم وجمع المعلومات وتحليلها وتصميم المقترح والسهر يستحق كل هذا العناء، وأن الجهد في مراجعة كل التفاصيل قد أثمر.
وهنا ستحتاج للإستعداد لخوض المرحلة الثانية وهي الرد على أستفسارات المانح أو التعامل مع كل الأسئلة والمتطلبات التي تصلك من المانح وعليك أن تتوقع أن هناك الكثير من الفقرات التي تحتاج إلى تعديلات وتوضيحات وأهمها:
عليك أن تتوقع الكثير من الأخذ والرد في هذه المرحلة والتي تكون أحياناً أكثر إرهاقاً من كتابة المقترح نفسه. وكلما كانت التفاصيل واضحة ومكتملة ومرفقاتها متوفرة وتم إرسالها مع المقترح الذي تم تعديله وفق الملاحظات، كلما استطعت أن تختصر هذه المرحلة بشكل كبير.
ولذلك تكون الفرحة الحقيقية هي عند توقيع الاتفاقية مع المانح. لأن هذا يعني أن المشروع قد بدأ وأن ما تخيلته أثناء كتابة المقترح سيصبح حقيقة تعيشها كل يوم